المستشارة في علم النفس غيدا حسيني: التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية ممكن عبر تحديد الأولويات

المستشارة في علم النفس غيدا حسيني: التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية ممكن عبر تحديد الأولويات

إنّ إحراز التوازن الأمثل بين العمل والحياة الشخصية ليس ترفاً بل بات يشكّل الهدف الاساسي للمهنيين حول العالم، رجال ونساء على حدّ سواء. لكن ذلك لا يُعتبر سهلاً بالنسبة لكثيرين، لأنّ هناك الكثير من المهام المطلوبة منّا في كلّ لحظة، ما يشعرنا بالإحباط أحياناً أو القلق الدائم من عدم القدرة على توفير أفضل النتائج في العمل أو التواجد مع الأسرة كما يجب. وهذه المشاعر مؤذية على المدى البعيد، خصوصاً إذا كان الشخص يحاول جاهداً أن يكون الافضل سواء في الحياة المهنية أو الشخصية ما يضطره الى بذل جهود ترهقه. ولكلّ هذه الاسباب، وجدنا في موقع صحّتي أنّه من المهمّ جداً طرح هذا الموضوع مع المستشارة في علم النفس، ومديرة المركز اللبناني للصحّة العقلية (Lebanese Mental Wellness Center)، غيدا الحسيني لكي تستفيدوا من نصائحها وارشاداتها.

 

- المشكلة الرئيسية تكمن في إدارة الوقت، فهل يمكن التدرّب على تحسين هذه الإدارة؟ والى أي حدّ يمكن لذلك أن يساهم في تحقيق التوازن بين الحياة المهنية والشخصية؟

نعم بالطبع يمكن التدرّب على إدارة الوقت بالشكل الصحيح، فالعلاج الأساسي للإجهاد يقوم على تعلّم مهارات إدارة الوقت وتنظيم الاولويات. وذلك لأنّ الإنسان حين يجد نفسه تحت ضغط يشعر بالخطر ولا يعود يرى الخيارات المتاحة أمامه، وهنا يجب أن يتعلّم كيفية التعاطي مع الضغط. كما أنّ الكثيرين يقومون بتأجيل المهام التي لا يجدون فيها المتعة خصوصاً في الحياة المهنية، وهذا ما يخلق لهم ضغطاً إضافياً لأنّ تأجيل المهام هو بمثابة تأجيل للمشاكل التي لا بدّ من حلّها في وقت معيّن وقبل الوصول الى اللحظة الاخيرة. وبالتالي، فإنّنا نعمل مع الاشخاص الذين يقصدوننا على تنظيم لائحة الاولويات ونساعدهم على التعاطي السليم مع تعدّد المهام لكي لا يقعوا تحت الضغط ما يسبّب لهم الإجهاد.

 

- كيف يمكن أن نحقّق الإنتقال من أجواء العمل الى الاجواء الاسرية دون أن نحمل الهموم من مجال الى آخر؟

كلّ واحد منّا يؤدي العديد من الأدوار، فنحن لسنا موظّفين أو مهنيين فقط بل هناك أدوار داخل الاسرة أيضاً ومع الاصدقاء والاهل، وهناك حتّى الهوايات الخاصة. وبالتالي لا يمكن أن يكون لدينا دور واحد، وإذا حصرنا نفسنا بهذا الدور فقط أصبحنا منعزيل عن أنفسنا ومحيطنا. وهناك ضرورة لتحقيق التوازن بين الادوار العديدة التي يجب أن نقوم بها. وإذا شعرنا بصعوبة تحقيق هذا التوازن، يجب أن نحدّد الامور التي تزعجنا في العمل مثلاً وهي تؤثر على حياتنا الشخصية، أو العكس أيضاً. يجب أن يتعلّم الشخص مهارات الحياة وطزيقة الفصل بين مختلف المجالات التي له أدوار فيها. وهذا يحتاج الى التدريب بالطبع والمواظبة على الممارسة.

 

- هناك الكثير من الاشخاص الذين يشكون من الشعور بالتقصير في العمل أو الحياة الشخصية بسبب عدم القدرة على إتمام كلّ المهام المطلوبة منهم بالشكل الصحيح، فكيف يمكن التعامل مع هذا الشعور؟

هذا الشعور يأتي من رؤيتنا الخاصة للحياة، فالإنسان يشعر بالتقصير حين يرغب في عمل المزيد أو تحسين أدائه، وهذا ما يخلق ضغطاً لديه. لذا يجب أن يعطي الوقت لنفسه لكي يفكّر ويعيد هيكلة حياته، خصوصاً أنّ معظم المشاكل النفسية ناتجة عن نظرتنا للأمور. فتصوّروا أنّ هناك أكثر من ٧٠ ألف فكرة تمرّ يومياً على رأس الإنسان، ولا يمكن التعامل معها إلا بتحديد الاولويات. وهنا تجدر الاشارة الى أنّ طريقة تفكيرنا تؤثر على مشاعرنا، فأذا فكّرنا سلباً كانت مشاعرنا سلبية وهذا ما يخلق لدينا موقفاً عدائياً. وهناك أشخاص مثاليون ولا يقبلون إلا بإعطاء نتائج مثالية في كلّ مهمّة يقومون بها، وهذا ما ينعكس مباشرة على مشاعرهم ومواقفهم، لأنّهم يشعرون بالقلق عند إستلام أي مهمّة ويخشون التقصير. لذا يجب أن نتقبّل كوننا بشر ولا يمكن أن نقوم بكلّ شيء في الوقت نفسه، إنما نحتاج تنظيم أمورنا وتعلّم مهارات الحياة للتعامل مع مختلف المواقف التي نوضع فيها.

 

- ما الحلّ عند الوصول الى مرحلة الضغط العصبي ما ينتج عنه العديد من المشاكل كسرعة الغضب، التوتر، الحزن والكآبة؟

عند الوصول الى مرحلة الأرق والكآبة والبكاء، وحين نلاحظ أنّنا لم تعد قادرين على أداء وظائفنا بالمستوى المطلوب، يكون الشخص بحاجة الى إستشارة نفسية لتعلّم المهارات الاساسية للتعامل مع الضغط. فالاجهاد لوقت طويل يؤدي الى الكآبة. وهذه المسألة تكتسب أهمية كبرى خصوصاً في الدول التي تعيش اضطرابات بشكل مستمر، حيث يعيش المواطنون واقعاً صعباً ويتعايشون مع التوتّر يومياً. ففي هذه الحالات، يجب أن نتذكّر أنّنا أحياء ويجب أن نعيش لكي لا ندفن في الحياء، وبدل الانفعالات السريعة والغضب والحزن يجب ان نبحث عن مخارج لهذه الحالة النفسية عبر إستشارة المحلّل النفسي. 

‪ما رأيك ؟