د. ماري مرعب: السكري ليس مرضاً يمكن التقليل من شأنه!

د. ماري مرعب: السكري ليس مرضاً يمكن التقليل من شأنه!

خاص – موقع صحتي

 

مرض السكري ينطوي أساساً على هرمون الأنسولين ويرافق الشخص مدى الحياة. ويتوقع أخصائيو الرعاية الصحية والباحثون أن مرض السكري سيصبح جائحاً بحلول عام 2030، مع توقع وصوله في منطقة الشرق الأوسط إلى نسبة 164٪. ويمكن تخفيض هذه الأرقام عند فهم المرض بشكل أفضل. ستتناول دكتور ماري مرعب، أخصائية في طب الغدد الصماء في مستشفى جبل لبنان، حقائق مهمة حول مرض السكري لتوضيح جميع تساؤلاتكم.

 

كيف يمكن التمييز بين الأنواع المتعددة لمرض السكري؟

 

النوع الأول من مرض السكري(T1DM) يتبلور في أي وقت بين مرحلتي الطفولة (حديثي الولادة) والمراهقة (21 عاماَ). وعادة ما يصيب هذا النوع من مرض السكري الأجسام الرفيعة ويتطلب الأنسولين. داء السكري من النوع 1 موجود في شكلين: النوع 1-أ، الموروثة وهو يصيب عدّة أفراد من العائلة، أو النوع 1-ب، وهو مجهول السبب، مما يعني أنه يؤثر فقط على شخص واحد داخل الأسرة.

 

داء السكري من النوع الثاني(T2DM) يحدث عادة خلال مرحلة البلوغ (أي وقت فوق سن 21)، ويصيب الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة، وهذا النوع من مرض السكري يتطلب علاج طبي.

في الوقت الحاضر، هناك تداخل بين كلا النوعين من مرض السكري، حيث من الممكن تشخيص T2DM عند شخص في سن 18 و T1DM خلال سنوات أكثر تقدماَ في العمر من عمر النشخيص الطبيعي للمرض ويتطلب الأنسولين في نظام العلاج.

 

داء السكري الذي يصيب المرأة الحامل... هل من إنعكاسات سلبية طويلة الأمد؟

 

من الممكن تشخيص مرض السكري خلال أي وقت من مرحلة الحمل والذي يزول عادةَ عند الولادة. في معظم الحالات، يتم تشخيصه خلال الثلث الثاني أو الثالث من الحمل. في بعض الحالات، قد يؤدي مرض السكري في الحمل إلى زيادة غير متوقعة في الوزن، بالإضافة الى ارتفع كبير لمستوى السكر في الدم. 

 

إذا تم تشخيص المرأة الحامل بسكري الحمل، فسوف تكون بحاجة إلى الخضوع لفحوصات روتينية سنوية بعد الولادة بسبب زيادة خطر إصابتها ب T2DM.

 

ما هي الأسباب المؤدية الى مرض السكري؟

 

للإصابة بمرض السكري العديد من الأسباب التي تشمل كل من الحالات الطبية والاستعدادات الوراثية. في الواقع، يتم تعريف مرض السكري في الجسم من قبل أكثر من 25 جيناَ، وبالتالي يبقى في بعض الحالات السبب الجذري غير معروف. ومن الأسباب الأكثر شيوعاً:

 

- أمراض المناعة الذاتية: مرض الاضطرابات الهضمية، مرض الغدة الدرقية، البهاق، أو أي مرض آخر حيث تنخفض قدرة الجهاز المناعي على مكافحة الغزاة.

- تغيّر نشاط البنكرياس.

- تغيّر الجلوكاجون ومستويات الأنسولين.

- الاستعداد الوراثي: عندما يتم تحديد الجين المسؤول عن تطور مرض السكري، ويسمى مرض السكري أحادية المنشأ، وإلا يبقى السبب مجهول الهوي.

- السمنة المرضية.

- متلازمة الأيض.

- أمراض البنكرياس: التهابات البنكرياس المتكررة أو استئصال البنكرياس.

- تناول الستيرويد على المدى الطويل لحالة طبية معينة مثل علاج السرطان.

 

ما هي أبرز المؤشرات التي يجب التنبه لها، خاصة عند الأطفال؟

 

عادة، يظهر كلا النوعين من مرض السكري نفس العلامات والأعراض بين البالغين والأطفال، وهذه تشمل:

- ارتفاع كمية تناول المياه بسبب زيادة العطش

- زيادة التبول الناجم عن كمية المياه الكبيرة

- فقدان الوزن غير المبررة التي يمكن أن تصل إلى 7-8 كجم

- الضعف العام، التعب والإرهاق

 

وبالإضافة إلى هذه العلامات، يعاني مرضى السكري من النوع 1 من حالة تراكم الأجسام الكيتونية بسبب الغياب الكامل للأنسولين، مما يزيد من نسبة الأسيد في الجسم. أماّ عند الأطفال، فمن الصعب إكتشاف المرض، حيث أن الأطفال ليس لديهم القدرة على ربط تغير بعض عاداتهم إلى المرض. وهذا يتطلب من الآباء والأمهات أن يكونوا في حالة تأهب والبحث عن علامات مثل زيادة التبول خلال الليل، وانخفاض الأداء في المدرسة (بسبب انخفاض مستوى التركيز والطاقة)، ​​وفقدان الوزن، وانخفاض تناول الطعام.

 

قد لا تكون ظهرت أي من الأعراض المذكورة أعلاه، ومع ذلك، فإن الدخول الى المستشفى بسبب حالة مرضية ما، أو للخضوع لعملية جراحية، قد يؤدي إلى الكشف عن المرض حيث أن الجلوكوز في الدم هو جزء من الاختبارات الروتينية.

 

كيف يمكن تشخيص داء السكري؟

 

يتم تشخيص داء السكري عموما في أي مرحلة من مراحل الحياة؛ وهذا بسبب ظهور الأعراض التي ذكرت أعلاه. عندها، يتم إجراء اختبار الدم ويتم تشخيص مرض السكري بناء على الإرشادات التالية:

- نسبة السكر في الدم بحالة الصيام أكثر من 126 ملغ / دل في فحصين متتاليين

- نسبة السكر في الدم بعد تناول وجبة طعام أكثر من 200 ملغ / دل

- أعراض شديدة مع نسبة السكر في الدم بعد تناول وجبة طعام أكثر من 200 ملغ / دل

- HbA1c أعلى من 6.4٪

 

ما هو أنسب علاج لداء السكري وكيف يتم إختياره؟

 

من أجل اتخاذ قرار بشأن أفضل علاج لمرض السكري، يتم النظر الى عوامل مختلفة، وتشمل:

- نوع السكري الذي يعاني منه الشخص

- مدّة الإصابة بداء السكري

- وجود أي مضاعفات مع حالتهم

 

العلاج الأكثر شيوعا لأي نوع من مرض السكري هو عبارة عن تعديلات في نمط الحياة بما في ذلك التعديلات الغذائية وإدراج النشاط البدني في الروتين اليومي. ومع ذلك، يبقى من المهم أن يفحص مريض السكري مستوى السكر في الدم قبل الانخراط في أي نوع من النشاط البدني حتى يتمكنوا من تنظيمه قبل البدء. إذا كان مستوى السكر في الدم أكثر من 250 ملغ / ديسيلتر فهو موانع بسبب زيادة خطر حدوث مضاعفات.

 

يتم عادة علاج T1DM بحقن الأنسولين أو مضخات بسبب إنعدام إنتاج الإنسولين من قبل البنكرياس. وقد أظهرت الدراسات الحديثة أن إعطائهم علاج عن طريق الأدوية يمكن أيضا أن تكون مفيدة؛ وتشمل هذه الميتفورمين وغيرها من الأدوية الحديثة.

 

أما T2DM، فيتم علاجه من خلال الأدوية مثل السلفونيل يوريا، الميتفورمين، GLP1 التناظرية، ومثبطات SGLT2. ومع ذلك، قد يحتاج بعض الأفراد إلى حقن الأنسولين في وقت متقدم من المرض، لأن احتياطيات البنكرياس قد تستنفد في نهاية المطاف مما يؤدي إلى توقف إنتاجالأنسولين.

 

ما هو الهدف من مركز علاج داء السكري في مستشفى جبل لبنان؟

 

لقد تم تأسيس مركز السكري في مستشفى جبل لبنان في البداية كعيادة، ثم تحول إلى مركز متعدد التخصصات في عام 2007. وهو الآن في المرتبة الثانية من أصل 3 مراكز موجودة في لبنان. وهو يتألف من فريق طبي متكامل يجمع الممرضات والأطباء والموجهين التربويين، وأخصائيي التغذية. لدى مستشفى جبل لبنان شراكات مع العديد من الشركات الطبية التي توفر تقنيات مبتكرة جديدة.

 

إن اختصاصيي التوعية في المركز مكرسون تماما لتعليم المرضى وتقديم الرعاية لهم بكل ما يحتاجون الى معرفته عن حالتهم (فهم المرض، المضاعفات المحتملة، المراقبة الذاتية، ملء كتيبهم ...). يتم توفير جلسات التعليم التي تركز على حقن الأنسولين، ويتم تدريس المرضى عن أمكنة حقن أنفسهم، كم عدد وحدات الأنسولين التي ينبغي اخذها والأوقات التي ينبغي أن تؤخذ بها، فضلا عن غيرها من المعلومات الهامة.

 

أما بالنسبة لأخصائيي التغذية، فهم جزء أساسي من الفريق لأنهم يساعدون المرضى على فقدان الوزن ومطابقة وحدات الأنسولين والكربوهيدرات. وعلاوة على ذلك، يمكن لشركائنا من مختلف الشركات الطبية أن تقدم مساعدة إضافية فيما يتعلق بمضخات أو أجهزة مراقبة نسبة السكر في الدم، حيث يتم تقديم جلسات التعليم الخاصة.

 

وأخيرا، فإن داء السكري ليس مرضا يمكن التقليل من شأنه. ينصح الأشخاص الذين يشعرون بأي عارض يمكن تصنيفه كمؤشر، أو أي شخص يعاني بالفعل من مرض السكري الحصول على المساعدة الطبية حتى يتمكنوا من اتباع خطة العلاج المناسبة ومنع المزيد من المضاعفات التي قد تنتج عن المرض. ويمكن القيام بذلك من خلال الفحوصات الدورية والالتزام بخطة العلاج الطبي. هناك دائما إمكانية لتحسين نمط حياتك والعيش حياة صحية!

 

‪ما رأيك ؟